إستيقظ دون أدنى رغبة منه في الإستيقاظ, قام على ثقل…لم يأخذ كفايته من النوم…يرتدي ملابسه, و يأنب نفسه للمرة الثلاثين على الأقل لعدم شعوره بالحماس للذهاب للجامعة…يتذكر حكاوي أبيه عن أيامه في الكلية و كم من حنين يعتريه و كم من ذكريات تجول في عينيه حين يحكيها…و لكن…لا شيء…لا حماس…لا توتر جميل…لا تطلع أو إقدام…لا شيء.
يرتدي ثيابه متثاقلا…يتنزل على درجات السلم متثاقلا…يقابل جاره و يستقل معه مركبته إلى الكلية….يقابل أصدقاءه, لا يلمح في عيونهم حماسة….عيونهم كعيونه…لاعنة للأحداث السياسية التي سرقت منهم آخر أجازة -بمعناها الحقيقي- في حياتهم منهم….سنتان طوال يعشمون أنفسهم بتلك الإجازة, فتأتي الأحداث لتسحق أمانيهم بسهولة كسحق قطار لبيضة مسلوقة وضعت على القضيب….
يدخلون أول محاضرة…مدرج “ك 1” محاضرة فيزياء…لحظات من الإنتظار و يددخل عليهم شبيه أحمدي نجاد + ملحقاته:
1- ذقن سلفية مقاس medium
2- عيون عسلية لا تظهر إلا مع خلعه نظارته
3- بالطو أبيض رغم أنها “محاضرة”..”فيزياء”
يبدأ في شرح كيفية توزيع الدرجات و كيفية إجراء الإمتحانات و نبذة عن كل مادة خاصة مادته و بعض الكلام النمطي المنمق الآخر و بعض النكات تتخل كلماته فيضحك البعض على أثرها و يسب البعض في سره…عوضا عن نزعه المتكرر لنظارته و مسحه لجبهته بمنديله…الشيء الذي أصابني بالتوتر من أجله…
تنتهى المحاضرة بسلام…فترة راحة, يقابل أصدقاءه…يتحدثون و يتجادلون كعادتهم…و يتفقد جدوله و مجموعته…تبا…إسمه في المجموعة الثالثة, السبت أجازة؟ يا حلاوة….إنهاردة السبت….ما علينا….يأتي ميعاد محاضرة الرسم الهندسي…يدخل المدرج…”ك 3″ بقوة الـ”دفع” و يصاب في ثانية بعسر تنفس…المشكلة ليست في السخونية و الحر و الكتمة…فقد إعتاد عليهم….المشكلة في عدم وجود المورد الرئيسي المجاني – حاليا – للحياة…الأكسجين….بدون مبالغة معدلاته لا تتعدى ال10%…وحدهم متسلقو الجبال و طلبة الجامعة القادرين على مواكبة مثل تلك الظروف….و لأنه مستجد…لا يمتلك تلك القدرة…بعد….يجاهد ليجد مكانا فارغا على الأرض ليفرش ساقيه…و يبدأ الدكتور بالكلام….كلام رتيب نمطي قديم عن الممسات و كيفية حساب نصف طول الخط بدون معرفة طوله بإستخدام “برجل”…..لم يستفد صاحبنا شيئا….كلها معلومات قديمة….يمر بعينه فيجد أناسا يلتهمون ورقا و أقلاما وراء الدكتور….يا جدعان ده كلام عام و رسم كروكي بتكتبوا إيه؟؟.
لم يستحمل الوضع فغادر دون إستئذان….
أدى صلاة الظهر….إشترى مشروبا….عاد لـ”ك 1″ محاضرة حاسبات….أول مرة يشعر بهذا الحماس, فلديه ولع بالحاسبات و البرمجة منذ كان إبن الرابعة عشر….فوجئ بـ”دكتور” يتكلم عن البيانات و المعلومات و الفرق بين الـ”كمبيوتر” و الـ”كالكولاتور”….إستنكر هذا الكلام….و صبر…إذ به يتحدث عن أدوات الإدخال و الإخراج…و يتسآئل عن موقع الـ”monitor” من الإعراب بالنسبة لهما….زاد إستنكاره فآثر المغادرة يلملم وراءه خيبة أمله….
تقرير عن المكاسب و الخسائر بالنسبة لأول يوم كلية:
1- خيبة أمل لا توصف بالرغم من عدم علو توقعاته فقد صارحه العديد
2- لم يستفد شيئا
3- وقت ضائع
4- عرق
…
جئت أبث لك الأمل يا عم عبد الرحمن زميلك وليد ممدوح من قسم حاسبات و إتصلات سنة رابعة …. معلش هو أول إسبوع كده بعد كده صدقني مش حتلاحق علي المعلومات الجديدة و أنصحك من أول يوم ذاكر أول بأول متغلطش غلطي دي نصيحة مهمة جدا
إعجابإعجاب
أشكرك يا وليد….والله الي حز في نفسيتي إنه بيقول ماوس و كيبورد و انا عايز اخش قسم حاسبات أساسا…حسيتها إهانة شوية 😀 أشكرك على الإهتمام و النصيحة جزيل الشكر ^_^
إعجابإعجاب
يا سيدي مستعجل على ايه بس، أنا في إعدادي صيدلة كانوا بيشرحولنا الانيمال والبلانت سل من الأول، دلوقتي في ربعة صيدلة بنتكلم في لوغاريتمات، تخيل لوغاريتمات في صيدلة، بس هو أكيد أول يوم حيبقى كدا، لسة محدش يعرف مواعيده ولا إيه النظام، متقلقش الحياه حتبقى حلوة قدام. ما عدا المشوار لحد الكلية، ده كان ومازال غرام و إنتقام
إعجابإعجاب
ربنا يكرمك يابني….الأمل ده هو الي معيشني…و حسبي الله و نعم الوكيل في ديه بلد و ده تعليم…
إعجابإعجاب